فوائد حليب الناقة

فوائد حليب الناقة

حليب الناقة

بالإضافة إلى أهمية الإبل في حياة الصحراء وسكانها، فقد استعمل حليب الناقة منذ القدم في العديد من الأغراض العلاجية في سكان الشرق الأوسط[١] وبعض مناطق آسيا وإفريقيا،[٢] ولكن لم يلتفت العلم إلى أهميّة هذا الحليب إلا في السنوات الأخيرة، حيث بدأت الأبحاث العلمية بدراسة حليب الناقة ومكوناته واستعمالاته الطبية والعلاجية وفعاليتها،[٢] ووجد أنّ حليب الناقة هو الأقرب إلى تركيب حليب الأم،[١] وقد أثبتت الإبل للباحثين أنها بمثابة منجم الذهب لما يمكن الحصول عليه منها من فوائد صحية،[٢] وفي هذا المقال خلاصة ما وجدته الأبحاث العلمية من فوائد صحية واستخدامات علاجية لحليب الناقة.


الصفات الحسية لحليب الناقة

يتّسم حليب الناقة بأنه ذو لون أبيض معتم له رائحة حلوة وطعم حاد، ويمكن أن يكون مذاقه مالحاً أحياناً،[١] ويحصل الاختلاف في مذاق حليب الناقة باختلاف العلف ومدى توفر ماء الشرب للناقة، وتظهر طبقة من الرغوة أو الزبدة عند خض الحليب قليلاً،[٣] وقد لا يستسيغ طعم هذا الحليب الكثير من الناس وينعتون مذاقه بالكريه.


أما بالنسبة للتركيب التغذويّ لحليب الناقة فهو يحتوي بالمعدل على 3.1% بروتين، 4.4% سكر اللاكتوز، 0.79% معادن، وتكون نسبة مجموع المواد الصلبة فيه 11.9% بالمعدل، وهي نسبة قريبة لنسبة مجموع المواد الصلبة في حليب الأم،[١] وتتراوح نسبة الماء في حليب الناقة ما بين 84-90%، بحيث تختلف هذه النسبة باختلاف وفرة ماء الشرب للناقة، بحيث ترتفع نسبته كلما قل الماء المتوفر للشرب، الأمر الذي يعتبر ميكانيكية دفاعية لتأمين احتياجات الرضيع من الماء في حالات الجفاف.[٣]


فوائد حليب الناقة واستخداماته العلاجية

تتعدد الفوائد العلاجية لحليب الناقة، حيث وجدت الأبحاث دوراً له في أمراض المناعة الذاتية، والاضطرابات الأيضيّة، والتهاب الكبد، والإسهال الناتج عن فيروس الرّوتا (Rota virus)، والسِلّ، والسّرطان، والسُكريّ، وتشمُّع الكبد، والكُساح، والتوحّد، ومرض كرون.[١]


فوائد حليب الناقة في مرض السكري

وجدت العديد من الدراسات العلمية في الإنسان وحيوانات التّجارب فعالية لاستعمال حليب الناقة في السيطرة على مرض السكري، وقد وجد أن نسبة السكري عند مربي الجمال في الهند والذين يتناولون كميات كبيرة من حليب الناقة هي 0% مقارنة مع 5.5% في المجتمعات الأخرى، كما وجد حديثاً أن استعمال حليب الناقة من قبل مرضى السكري من النوع الأول يخفض من احتياجاتهم اليومية للإنسولين بنسبة 30-35% مع انخفاض مستويات سكر الدم وبروتين الألبيومين في البول، وذلك بسبب احتوائه على الإنسولين، والبروتينات الشبيهة بالإنسولين والإميونوجلوبيولينات (Immunoglobulins) وبعض العناصر النزرة (Trace elements) ذات الخصائص المضادة للالتهابات.[٢].


ويختلف الإنسولين الموجود في حليب الناقة عن إنسولين الإنسان والحيوانات الأخرى بكونه محاطاً بالمذيلات (Micelles) التي تحميه من الهضم والتحلل في الجزء العلوي من الجهاز الهضمي، مما يُسهّل امتصاصه ومروره إلى الدم. ووجدت الدراسات الحديث التي أجريت على حيوانات التجارب المصابة بالسكري قدرته على الوقاية من تضررات الكلى المرتبطة بمرض السكري، كما يمكن لمضادات الأكسدة الموجودة في حليب الناقة منع الإصابة بمظاهر المتلازمة الأيضية والتي تتضمّن ارتفاع جلوكوز الدم وليبيداته (دهونه)، مما قد يمنع التغيرات المرضية في الأوعية الدموية الصغيرة التي تُسبّب مرض الكلى وشبكية العين والمضاعفات في الجهاز القلبي الوعائي والتي تسبب عدداً كبيراً من وفيات مرض السكري.[٢]


فوائد حليب الناقة في السرطان

يستعمل حليب الناقة شعبياً في حالات السرطان، ووجدت بعض الدراسات قدرة لحليب الناقة في منع تكون الأوعية الدموية الجديدة الناتج عن الالتهاب، كما وجد له تأثيرات قاتلة لخلايا سرطان الكبد عن طريق منعه للتعبير الجيني لأحد الإنزيمات اللازمة لتنشيط المركبات المسرطنة (Carcinogens). ولم يتم تحديد جميع المركبات المسؤولة عن مقاومة السرطان في حليب الناقة حتى يومنا هذا، إلا أنه وجد لبروتين اللاكتوفيرين (Lactoferrin) تأثيرات هامة، حيث نتج عن إعطائه لمرضى السرطان مع العلاج الكيماوي بنتائج أفضل من العلاج الكيماوي وحده، كما وجد له تأثيرات مثبطة لنمو نتوءات القولون والمستقيم السرطانية في الإنسان، ووجد له أيضا تأثيرات سامة لخلايا السرطان عن طريق منع نموها وتكاثرها وتحفيز موتها، وتحتاج هذه الدراسات إلى المزيد من الدعم العلمي لتأكيد دور اللاكتوفيرين الموجود في حليب الناقة في محاربة السّرطان.[٢]


فوائد حليب الناقة لاتهاب الكبد الوبائي المزمن

وجدت لحليب الناقة تأثيرات مضادة للفيروسات، ووجد أنه يحسن من المقاييس البيوكيميائية والفيزيائية في مرضى الكبد الوبائي المزمن النشط. كما وجد لبروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الناقة تأثيرات مُضادّة لفيروس الكبد الوبائي C، حيث وجد أنه يمنع دخوله إلى الخلايا، وهو بذلك مضاد لهذا الفيروس بشكل أكبر من اللاكتوفيرين البقري واللاكتوفيرين المستخلص من حليب الأم.[٢]


فوائد حليب الناقة في حالات عدم تحمل سكر اللاكتوز

وجدت دراسة أن تناول حليب الناقة مناسب للأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل سكر اللاكتوز والذين تظهر أعراض هذه الحالة لديهم عند تناول الحليب البقري، ويعزى ذلك إلى محتوى حليب الناقة الأقل من سكر اللاكتوز.[١]


فوائد حليب الناقة في الإسهال

وجدت دراسة أن تناول حليب الناقة المخمر يحتوي على كميات أعلى من الصوديوم والبوتاسيوم وقد أوقف الإسهال في جرذان التجارب، كما ذكر أنه يساعد في تحسين أعراض الإسهال في مرض كرون وفي التوحّد.[١]


فوائد حليب الناقة في حساسية الحليب

وجدت العديد من الدراسات التي أجريت على الأطفال الذين يعانون من حساسية لحليب الأبقار أنّ حليب الناقة لا يسبب التفاعلات المناعية التي يسببها حليب الأبقار، وهذا يجعل منه مناسباً لتصنيع حليب بديل لحليب الرضع المصنع من حليب الأبقار لاستخدامه في الأطفال الذين يعانون من هذه الحساسية في المستقبل، واستنتج الباحثون أنّ اختلاف بروتين حليب الناقة عن بروتين الحليب البقري هو سبب قدرة الأطفال على تحمله على الرغم من حساسيتهم تجاه حليب الأبقار، كما وجد أيضاً أنّه أفضل من حليب الماعز في حالات حساسية الحليب البقري، وتحتاج نتائج هذه الدراسات إلى المزيد من الأبحاث العلمية لتأكيدها.[١]


فوائد حليب الناقة في التوحد

يستعمل حليب الناقة في العديد من المناطق كعلاج تقليدي لمرض التوحّد، وفي دراسة نشرت عام 2005، والتي بحثت تأثير استبدال الحليب البقري بحليب الناقة في الأطفال والبالغين المصابين بمرض التوحد، وجد أنّ تناول حليب الناقة لطفلة تبلغ من العمر 4 سنوات لمدة 40 يوماً وطفل يبلغ من العمر 15 سنة لمدة 30 يوماً وبعض البالغين في عمر 21 سنة لمدة أسبوعين قد لاشى أعراض التوحد لديهم. كما وجدت دراسة أخرى أن الأهالي أبلغوا عن تحسن في العديد من أعراض التوحد في أطفالهم بعد تناول حليب الناقة، مثل حصولهم على نوم أفضل وتحسن إدراكهم بالمكان وتحسن في التواصل البصري واللغوي وتحسن أعراض الجهاز الهضمي لديهم. وفي دراسة أجريت على 60 حالة من التوحد في عمر 2-12 سنة، تمت مقارنة تأثير تناول 500 ملل من الحليب البقري مرتين يومياً بتناول الكمية نفسها من حليب الناقة لمدة أسبوعين، ووجدت النتائج تحسناً في الاختبارات السلوكية والإدراكية وانخفاضاً في التوتر التأكسدي في الجسم بسبب حليب الناقة،[١] كما وجدت تأثيرات إيجابية لتناول حليب الناقة في تقرير حالة طفل مصاب بالتوحد تم إعطاؤه حليب الناقة من عمر 9 سنوات، حيث تمت مراقبة أعراض هذا الطفل لمدة 6 سنوات والتي استمرت خلالها التحسنات في الأعراض لدى هذا الطفل، كما لوحظ تراجع في تحسن الطفل عند انقطاعه عن تناول حليب الناقة والعودة إلى التحسن بعد عودته لتناول هذا الحليب.[٤]


فوائد الحليب في الحساسيات الغذائية

بالإضافة إلى ما ذُكِرَ عن فوائد حليب الناقة في الحساسية من الحليب، أثبتت الدراسات فرصة استخدام بروتين حليب الناقة في حالات حساسيات الغذاء،[١] ووجد أن إعطاء حليب الناقة لأطفال يعانون من الحساسيات الشديدة قد نتج بالتعافي الكامل، وذلك بعد عدم تجاوبهم للعديد من علاجات الحساسية الحديثة.[٢]


فوائد الحليب في أمراض القلب والأوعية الدموية

وجد لحليب الناقة تأثيرات مضادة لتخثر الدم، حيث وجد أنّه يخفض من مستوى الدم من الفيبرينوجين (Fibrinogen) في جرذان التجارب المصابة بالسكري، مما يدل على وجود تأثيرات وقائية لحليب الناقة في أمراض القلب والأوعية الدموية، هذا بالإضافة إلى ما ذكرناه من قدرته على الوقاية من مضاعفات السكري التي تصيب الجهاز القلبي الوعائي.[٢]


فوائد أخرى لحليب الناقة

  • يعتبر حليب الناقة مصدراً جيداً للبروتين، والكالسيوم، والفسفور، والفيتامين ج، والنياسين.[١]
  • يحسن حليب الناقة من الوظائف الدفاعية الطبيعية للجسم،[١] ويمكن أن يكون له دور في مقاومة العديد من أنواع البكتيريا والفيروسات.[٢]
  • وجد لبروتين اللاكتوفيرين المستخلص من حليب الناقة تأثيرات مضادة للطفيليات في فئران التجارب المصابة بعدوى (Schistosoma Mansoni) والتي عمل على إزالته منها.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش Zibaee S. et al., "Nutritional and Therapeutic Characteristics of Camel Milk in Children: A Systematic Review", Electronic Physician, Page 1523-1528. Edited.
  2. ^ أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر Gader A. M. A. and Alhaidar A. A., "The Unique Medicinal Properties of Camel Products: A Review of the Scientific Evidence", Journal of Taibah University Medical Sciences, Page 98-103. Edited.
  3. ^ أ ب Sisay F. and awoke K., "Review on Production, Quality and Use of Camel Milk in Ethiopia", Journal of Fisheries & Livestock Production, Page 145. Edited.
  4. Adams C. M., "Patient Report: Autism Spectrum Disorder Treated With Camel Milk", Global Advances in Health and Medicine, Page 78-80. Edited.